الأربعاء، 1 أبريل 2015

علي قدرنا تأتي ردود أفعالنا

علي قدرنا تأتي ردود أفعالنا

هالتني تلك السقطة المهنية التي وقعت فيها جريدة أجنبية شهيرة عندما نقلت خبر لقاء الرئيس السيسي و أمير قطر ؛ عندما نسخت الهاشتاج الموجود علي صفحات التواصل الإجتماعي (#قطر_بنت_.......) علي أنه أسم دولة قطر.


إن هذا الخطأ المهني الذي وإن بدا تافها إلا أنه يدل علي سطحية الغرب وعدم تعمقه في قضايانا بقدر ما هو مجرد ناقل فقط يتصف بكل صفات الغباء ؛ وأداة موجهة فكريا دون وعي أو قراءاة متأنية لما تسرده وتخطه رغم كل دعاوي حرية الرأي والتفكير والإبداع ؛ وإن كل ما يدعيه الغرب ما هي إلا أقنعة زائفة تتساقط يوما بعد يوم ؛ وسلع مستهلكة للمتاجرة والمساومة لتحقيق أهدافا مدفوعة الأجر من أصحاب المصالح ؛ ولا أستبعد أيضا أن يكون هذا الخطأ المهني هو خطأ مقصود وممنهج من جماعات صهيونية أو متطرفة دينيا  لتأجيج حدة الخلافات العربية العربية مستغلة ما سبق وذكرناه من غباء الناقل وكونه أداة موجهة ؛ خاصة في هذا الوهج من التآلف العربي وتلاحمه.    
بعيدا عن هذا كله ما حدث من هذه الجريدة هو من نتاج ثقافتنا المتردية نحن الشعوب العربية حول مفهوم الخلاف مع الأخر ؛ فهذه الثقافة المتردية تقود أي خلاف سياسي أو رياضي أو حتي  علي مستوي أعمالنا  وعلاقاتنا الإجتماعية دائما نحو منطقة السباب والشتم واللعن وكأنه منهج حياة دون تناول موضوعي لجوهر الخلاف ؛ و دون محاولة الوصول إلي منطقة توافق ؛ وأري أن هذا عينه الفجور في المخاصمة ؛ وليست أحداث مباراة مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم بالسودان منا ببعيدة ؛ والذي أرتفعت فيه بعض الأصوات عبر مواقع التواصل الإجتماعي التي هي الأسوأ إستخداما من جانب الشباب العربي وقتها مطالبة بإعلان الحرب علي الشقيقة الجزائر وعضدها بعض الأعلام المراهق غير المهني لولا حكمة القيادة السياسية آنذاك في التعامل مع الأحداث.


قبل أيام قلائل أستقبل الرئيس السيسي أمير قطر في شرم الشيخ للمشاركة في فاعليات القمة العربية ؛ وبدأت أصوات في مواقع التواصل الإجتماعي وبعض الإعلام المراهق ؛ تتحدث عن هذا اللقاء ودرجة حرارته ؛ وكيف يحضر أمير قطر إلي مصر وهو يصف قياداتها بالإنقلابيين ؛ متجاهلين كبريات الأحداث في المنطقة العربية وما أسفرت عنه هذه القمة من قرارات كانت في ضميرنا مجرد حلما ؛ كان علي هؤلاء أن يدركوا أن أمير قطر هو القيادة السياسية لدولة عربية عضو في الجامعة العربية وحضوره إلي القمة أمر عادي ؛ أيضا كان عليهم أن يعوا أن أستقبال الرئيس السيسي لأمير قطر بهذه الحفاوة رغم كل الخلافات السياسية هي من قيم مصر وأخلاقياتها بكل حضاراتها وعروبتها وقيمتها التاريخية ؛ وهو أيضا نابع من إحترافية الرئيس في الأداء ؛ فلربما أخذتنا هذه القمة في علاقتنا مع قطر نحو وضع أخر في تعضيد الصف العربي ؛ وربما أعادت قطر إلي الحظيرة العربية ؛ وربما أيضا أسقطت قناع ساسة قطر أمام العالم ؛ فكل الخيارات مطروحة فقط علينا ألا نوصد الأبواب وألا نخلط الأوراق ؛ وأن تكون خلافاتنا دائما في نطاق من الأخلاق الكريمة والأحترام والموضوعية ؛ فالتاريخ علمنا من أحداثه المتلاحقة أنه لا ثوابت في السياسة.


الرئيس السيسي دائما يعطي القدوة فهو القائد والمعلم ؛ فقد حدثنا في وقت سابق علي أنه قدم إعتذاره لأمير قطر عما تحدث به بعض إعلامنا المراهق من إنتهاك أخلاقي في حق والدة الأمير ؛ بل أن الرئيس طالب عدة مرات بعدم تجاوز حدود الأدب واللياقة في تناول خلافاتنا مع قطر أو مع أي دولة أخري؛  وأن نكون موضوعيين  في التناول .. جادين في الطرح ؛ وألا نستقي من سفه الآخر رد فعلنا ؛ ذلك أن رد فعلنا هو المعبر عن أخلاقياتنا وقيمنا ومصريتنا وإحترافيتنا في إدارة الأمور؛ نعم فنحن دولة عظيمة وعلي قدرنا تأتي ردود أفعالنا ؛ وأري أن الرئيس وقد عهدناه عف اللسان دمث الخلق لايريد العودة بنا إلي مرحلة المنابر الحنجورية التي لا طائل من ورائها سوي توسيع هوة الخلاف ؛ وتشتيت الشمل ؛ وتشويه المشهد العربي أمام الغرب المتربص.
إن نظرة الغرب لنا هي وليدة أفعالنا ؛ وإحترام الأخر لنا نتاج إحترامنا لأنفسنا ؛ واللجوء إلي منهج السباب والشتم هو تعميق للجروح ووصد لأبواب التوافق ؛ يجب أن تظل دائما خلافاتنا في دائرة الأحترام والموضوعية والأحترافية ؛ هذه هي مصر وهذا هو الرئيس ؛ وهذا هو ما يجب أن يكون عليه منهج حياتنا.