الاثنين، 25 أبريل 2016

تيران وصنافير والوطن الأسير

تيران وصنافير والوطن الأسير

          " يعود علينا الخامس والعشرون من أبريل يوم إستكمال تحرير كامل التراب الوطني هذا العام حاملا تفهمات ومتطلبات هي الأكثر والأعمق تحديدا لمصير هذا الوطن مع عدم الإغفال لكل عوامل الحضارة والتاريخ ؛ وهذه التفهمات والمتطلبات هي مسئولية مباشرة لرئيس الجمهورية من خلال أجهزته التنفيذية والشعب كل بآلياته ومقوماته فهل يستطيع كل منهما أداء دوره وسط معطيات ندرك جميعا مدي صعوباتها وتداخلاتها ؟ ".


أحد أهم المعطيات التي يجب نرتكز عليها جميعا في تناولنا للوضع المصري هي أن حب الوطن وقيمة الإلتصاق بالأرض قضية غير خلافية لدي كل المصريين قيادة وحكومة وشعبا وجيشا من رحم الشعب ؛ وأن ما بذل من أرواح ودماء عبر تاريخنا دفاعا عن هذه الأرض يؤكد هذه الحقيقة الدامغة ؛ ولكن عندما يحدث خلاف داخل المجتمع حول إعادة ترسيم الحدود المصرية السعودية فهذا مؤشر ودلالة علي أن هناك خطأ ما يستوجب تحليل هذا الخلاف لنتبين منشأه وكيفية معالجته ورأب الصدع داخل المجتمع.

من الوهلة الأولي يتبين للجميع إن من يقودون لفكرة التخوين وبيع الأرض من خلال إتفاقية إعادة ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية وما تضمنته من أحقية المملكة في جزيرتي صنافير وتيران هم من يرفضون أن يتولي سدة الحكم رئيس ذو خلفية عسكرية أي أنهم أصحاب هتاف يسقط يسقط حكم العسكر وهم بنفس أفكارهم القبيحة وأساليبهم الملتوية وغير الشريفة عبر مختلف رؤوساء مصر السابقين ؛ وبالتالي لا يمكن فصل جوهر ما يدعون إليه من تظاهرات عن هذا الإطار بما يعني أنها ليست قضية غيرة وطنية أو حمية علي الأرض أو تبني لطرح قانوني يدعم أحقية مصر في هذه الجزر حتي أن أحدهم كتب تغريدة علي صفحته أستوقفتني طويلا يقول فيها نصا ( انا اساسا من انصار ازاله الحدود العربية لكن ما ينفعش استغلال لحظة ضعف اقتصادية لبلد كمصر لاخذ اراضي منها ايا كان الرأي القانوني فيمن يملكها) والجزء باللون الأحمر يوضح مدي التعنت ورفض منطق العقل والضمير وحجية القانون التي هي المرجعية الأمينة لفض أي خلاف أو نزاع والغريب أن صاحب هذه التغريدة رجل قانون وحقوقي بارز!!


إن من يقودون حملة التخوين والتحريض ضد الرئيس والمؤسسة العسكرية ويتخذون من تيران وصنافير مطية لذلك هم أنفسهم حقوقيون متواطئون ومنظمات مجتمع مدني ونشطاء خونة ونخبة فسدة متورطون في قضايا التمويل الأجنبي وتداول بيانات ومعلومات غير حقيقة لإستعداء الخارج ومنحه مبررا أخلاقيا وسياسيا للتدخل في الشأن المصري وتنفيذ مخططات تقسيم الشرق الأوسط بما يتوافق مع مصالح الغرب ؛ وهم في هذا يرتبطون مع الخارج بعلاقات مشبوهة تحت مسمي حماية الحريات وحقوق الإنسان وكم من الموبقات ترتكب في حق هذا الوطن بأسم الحقوق والحريات.


 تلاحظ أيضا أن من يقودون حملة التخوين والتحريض ضد الرئيس والمؤسسة العسكرية هم أنفسهم من قادوا عمليات التخريب والحرق والسلب والنهب في أحداث الخامس والعشرين من يناير ومعظمهم ممن تلقي تدريبا وتمويلا أجنبيا لإسقاط الدولة المصرية ويدعمهم إعلام مرتزق مارق غير وطني وغير أمين وغير مهني يسخر كل جهوده لإسقاط الدولة وطمس هويتها وتقويض مؤسساتها وخاصة المؤسسة الأمنية والعسكرية ؛ وعلينا أن نعترف ونقر بأمانة وطنية أن ما نجم عن هذه الأحداث من أثار إقتصادية وسياسية وإجتماعية أسوأ بمراحل عديدة من ما نجم عن أكثر النظم القمعية والمستبدة في العالم في التاريخ الحديث.

هذا هو الفصيل الذي يعمل ضد الدولة سرا وعلانية داخليا وخارجيا ولا يألو جهدا في إستعداء الغرب وإستدعائه وتمهيد الأرض لتدخله في الشأن المصري ؛ وهذا هو الفصيل الذي يضلل الشباب ويزج به إلي آتون الفوضي وغياهب السجون ويعوق خطي التنمية وبناء الدولة الحديثة والتأسيس لعهد من الحريات المسئولة والمشاركات البناءة ؛ وهذا هو الفصيل الذي إستنفذ صبر الشعب وأستثار غضبه وحنقه و للأسف لم يستنفذ بعد صبر القيادة السياسية أو يستثر غضبها إلا في كلمات معدودة.

أتفهم حرص الدولة علي حماية الحريات ؛ ومراعاتها للمعايير الدولية لحقوق الإنسان ؛ وأتقبل المعطيات في العلاقات الدولية ولكن علينا أن نتذكر قول الرئيس عن الدستور عندما قال أن الدستور المصري كتب بالنوايا الحسنة والدول لا تبني بالنوايا الحسنة ؛ فنقول له أيضا أن الدول لا تدار بهذا القدر من الأخلاق السامية وهذا الصبر المفرط خاصة وانت تواجه فصيلا موتورا يقايض علي مستقبل الوطن ومصير شعبه ؛ وأن عليه أن يواجه الشعب بهذه الحقائق التي خلصنا إليها وتعرية هؤلاء الفسدة والمخربين وعدم إختزال هذا الفصيل وفعله في عبارة (أهل الشر) ؛ بل يجب عليه تعرية هذا الفصيل خاصة وهو لا يملك إعلاما موجها يعمل لصالح الدولة المصرية أمام طوفان الإعلام الموجه ضد الدولة المصرية ؛ حتي ذلك الإعلام المحسوب علي الرئيس فهو غير مهني وغير موضوعي وغير محترف ومثير للسخرية ونتائجه في التناول لأي قضية صادمة وغالبا ما تأتي بنتيجة عكسية تضر أكثر مما تخدم.

 يجب علي الرئيس تعرية هذا الفصيل خاصة وهو لا يملك ظهيرا سياسيا يروج لحجم الإنجاز علي الأرض ويدحض قوي الشر وطيور الظلام التي تروج عن غير إدراك لمفهوم الدولة المدنية ؛ وتنحرف بمعاني الحرية خارج نطاق المسئولية والقيم المجتمعية والأمانة الوطنية ؛ وتستغل الدعوة لتجديد الخطاب الديني للإنقضاض علي ثوابت الدين والتنكيل بمؤسساته الدينية ورموزه الإسلامية والمسيحية.

علي الرئيس أن يدرك أن قضية صنافير وتيران أبرزت حقيقة خطيرة ألا وهي أن الوطن الذي نجح في القضاء علي جماعة الإخوان الإرهابية بكل عنفوان تاريخها وقدراتها التنظيمية صار أسيرا لفئة ضالة مضللة من الحقوقيين ونخبة الفسدة ونشطاء التمويل ومرتزقة الإعلاميين ؛ وأن هذا الفصيل الإجرامي دأب علي تهديد الوطن وإستنزاف موارده وقدراته في معارك مختلقة وبث روح اليأس في النفوس والعمل علي خلخلة المجتمع وشق الصف الوطني وتحويل أعيادنا الوطنية بكل قيمتها ومكانتها في الوجدان إلي مصدر قلق وفزع ؛ لا لقوتهم علي الأرض أو صدق توجههم ولكن لأن التخريب الذي هو نهجهم البغيض دائما أسهل وأيسر من البناء والتشييد.

علي الرئيس أن يدرك أن بناء الدولة المصرية وتحقيق نهضتها لا يقتصر علي بناء المنشأت والوحدات السكنية وتحديث منظومتها الدفاعية وإجتذاب الإستثمارات فكل هذا محمود جهده وتفانيه في إنجازه ؛ ولكن هذا كله يجب أن يرتكز إلي قاعدة من القوانين التي تحمي البسطاء وتقتص من القتلة والفسدة والخونة والمتأمرين ؛ إن غياب العدالة الناجزة يمنح هذا الفصيل مزيدا من الوقت للتخريب ؛ ومساحة أوفر من الحرية للخيانة والعمالة والإلتفاف حول القوانين الهزيلة ؛ فنحن لا نريد عدالة مطلقة بقدر ما نريد عدالة ناجزة ورادعة معا لا فاصل بينهما ؛ ورغم أني أتفهم تماما سياسة الرئيس الحريصة علي الفصل بين السلطات إلا إنني أؤمن بأن الرئيس مسئول عن الدولة المصرية وعليه أن يحرك السلطة القضائية بكافة هيئاتها وخبرائها في تقديم مشروعات تعديل القوانين بما يحمي الدولة المصرية ونثمن له عدم إستثماره لغياب السلطة التشريعية في إصدار قرارات بقوانين مقيدة للحريات رغم أنه كان لديه من الدوافع ما يبرر ذلك ؛ وبالتالي فعليه أيضا أن يحرك السلطة التشريعية للإستفاقة من خلال التواصل الجيد والإحاطة المستنيرة بما يحاك للدولة المصرية ولمنطقة الشرق الأوسط لإقرار هذه التعديلات والتي هي ركيزة الحماية لإنجازات الرئيس علي الأرض بما يسمح بجني ثمارها وتحقيق أهدافها.


علي الرئيس أن يدرك أنه عندما يعاني المجتمع سلوكيات غير أخلاقية وإنهيار للقيم المجتمعية من البعض وعندما تعاني الأسرة فقدان السيطرة علي أفرادها من المراهقين والشباب فإنه يجب علي أن تتدخل الدولة لحماية المجتمع الذي تعتبر الأسرة نواته ؛ وهذه الحماية يجب أن تأتي من خلال محورين لا أجد غضاضة في ذكرهما وهما عسكرة الدولة أو ما يسمي بالدولة البوليسية بشكل متوازي مع تطوير التعليم والثقافة وتجديد الخطاب الديني وكل السبل لعودة الأخلاق والقيم المجتمعية والوازع الديني ؛ وما أعنيه هنا أن سلوك المواطن في الشارع أو المنشأت بكل أنواعها أو علي مواقع التواصل الإجتماعي لا يخصه وحده وإنما هو تجسيد لشخصية الدولة وثقافتها وهويتها وهو في ذلك يجب أن يخضع لمعايير قانونية ومجتمعية ويجب أن يتفق مع الموروث الثقافي والأخلاقي للمجتمع ؛ فالواقع يقول أن لدينا فصيلا عشوائيا إجراميا فوضويا خارج سلطة الأسرة ضعفا و الدولة قانونا وهذا الإفراز الذي نجم عن سنوات عديدة ماضية برز في الخامس والعشرين من يناير وما بعدها وحتي اليوم ويعتبر سببا مباشرا لمعاناتنا.

إن عدونا لم يصبح جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية رغم كل ما تفعله من أعمال خسيسة وجبانة ؛ ولكن عدونا الحقيقي فيمن يمهد الطريق لعودتهم ويمنحهم صك الغفران لتطهيرهم ؛ فالأخوان لا تعمل بشكل منفرد فهي كالميكروب الذي يعمل علي التقيحات وأماكن الجروح الملوثة والتي تتمثل فيمن لدينا من نخبة الفسدة وحقوقيين متواطئين ونشطاء ممولين ومرتزقة إعلاميين وجميعا موتورين نخاسين حان الوقت لتطهير الدولة منهم جميعا.


علي الرئيس أن يدرك أن أمامه شعب إختاره عن إرادة وطنية حرة وخلفه مؤسسات الدولة قوية مترابطة ومعه الشرعية الدستورية وبين يديه أمانة حماية هذا الوطن وتحقيق آمال شعبه وطموحاته ؛ وعليه في هذا اليوم التاريخي الرائع أن يتخذ قراره وان يمضي في تحرير الوطن الأسير من براثن المنافقين والأفاقين والنخاسين الذين يحاولون إغتيال أعياده وفرحته وإستنزاف قدراته ومقدراته ويقايضون علي حاضره و مستقبله.


#حافظوا_علي_مصر