الجمعة، 5 فبراير 2016

رسائل عدة إلي توفيق عكاشة

رسائل عدة إلي توفيق عكاشة

           "يبقي العمل الإعلامي عملا تنويريا وقيميا متي أتسق مع المعايير الأخلاقية والوطنية والدينية ؛ ومتي كان منزها عن أي مطمع ذاتي أو مأرب شخصي ؛ ومتي كان ملتزما بالإحترافية والمهنية بكل ما تحمله الكلمتان من أمانة وصدق وشفافية ؛ بل ويصبح عملا خالدا عبر الأزمان متي إرتبط بتحقيق أهداف الدولة العليا والتي هي في الواقع تطلعات الأغلبية المطلقة من الشعب ؛ وهذا لا يعني التأييد الأعمي أو المعارضة غير الموضوعية ولكن الإحتكام إلي الضمير الوطني والفهم العميق لفكر الدولة وماهية تحركاتها علي مختلف الأصعدة في نطاق لايؤثر بالسلب علي توجهاتها  ؛ وهنا فقط تتعاظم القيمة المضافة للإعلام".


الحقيقة أن توفيق عكاشة حالة مثيرة للجدل علي الساحة المصرية ككل وليس الإعلامية أو البرلمانية فقط ؛ وأري أن هذا الجدل ناجم عن إختلاط المفاهيم لديه ؛ والبحث اللاهث عن هوية مهنية في مجالات أثبت نفسه من خلال مماراساته أنه غير مؤهل لها ؛ وفي هذا أؤكد أن الشهادات العلمية ليست وحدها الكافية للنجاح المهني وخاصة عندما يتعلق الأمر بوظائف الدولة العليا ؛ ولكن النجاح المهني مرتبط إرتباطا وثيقا بمجموعة المهارات الشخصية والسمات القيادية والمعايير الأخلاقية ؛ وهذا ما دفعني اليوم إلي توجيه عددا من الرسائل القصيرة إلي توفيق عكاشة لعلها تكون له طوق نجاة من ذلك المستنقع الغارق فيه ولربما تعين من حوله علي إنقاذه وناخبيه وقناته والعاملين بها وإنقاذنا جميعا.


  •                        عندما أحتشد الشعب في عدد من التظاهرات ضد حكم الإخوان المسلمين قبل الثلاثين من يونيو لم يكن ذلك إستجابة لدعوات توفيق عكاشة أو قدرته علي الحشد ؛ ولكن كان منبع هذا الحشد هو رفض الأغلبية المطلقة من الشعب لذلك الحكم الفاشي المستبد ؛ بل ورغبة الملايين في التغيير وأن يوسد الأمر لأهله ؛ ويقينا أن توفيق عكاشة لو دعا لتظاهرة اليوم فحتما لن يجتمع له مائة فرد علي أقصي تقدير.


                      مسمي المليونيات تعبير إيحائي بالكثرة العددية ؛ وهو تعبير أطلق في الخامس والعشرين من يناير وما أعقبها من تظاهرات لتكتسب الأحداث الشرعية ولعلنا نتذكر ما أطلق بعدها من مصطلح الشرعية للميدان وجميعا أستهدفت التخريب والتدمير ؛ والحقيقة أن الأعداد ربما قاربت علي المليون عقب أحداث الثامن والعشرين من يناير في مختلف ميادين مصر مجتمعة نتيجة الشائعات التي أطلقتها حركات مدعومة خارجيا ؛ وكان خلف هذه التظاهرات مخربين من تيارات دينية وإشتراكية حاولوا إسقاط الدولة المصرية بالحرق العمد لمؤسساتها  وإثارة الفوضي وتقويض أجهزتها الأمنية ؛ وعليه فإن أي تظاهرة قبل الثلاثين من يونيو لم تكن تتعدي بضع آلاف علي أكثر تقدير ؛ وبمعني أدق لم يكن هناك ما يسمي بمليونيات عكاشة المزعومة ؛ ويقينا لا يقبل الشك أنه لا مليونية شهدتها مصر عبر عصورها المختلفة سوي ثورة الشعب المصري في الثلاثين من يونيو ومن بعدها تفويض الشعب لقواته المسلحة لمواجهة الإرهاب المحتمل وشتان بين دعوة المشير وقتها وما شهدته من طوفان بشري ومليونيات عكاشة المزعومة. 


                      لا نائب بالبرلمان هو نائب الشعب كما يزعم عكاشة ؛ فالنائب نائب عن مواطني دائرته فقط مهما بلغ عدد ماحصل عليه من أصوات ؛ والنواب مجتمعين داخل البرلمان هم نواب الشعب ؛ أما نائب الشعب في المطلق هو في الحقيقة لقب يطلق علي منصب النائب العام المعني بتحريك الدعاوي القضائية التي تقتص للشعب وتحمي حقوقه  ؛ وهل لنائب يدعي أنه نائبا للشعب أن يفكر مجرد التفكير بمد إسرائيل بمياه نهر النيل العظيم مهما كانت الأسباب والدفوع ؟ أين الكرامة العربية وأين النخوة الوطنية وأين القومية العربية في هذا التوجه المعيب ؟ أين الضمير الوطني تجاه مقدساتنا الدينية الأسيرة ؟ وأين إلتزامنا الأخلاقي تجاه شعبنا في الأرض المحتلة ؟

  •                      عدد الأصوات التي يحصل عليها كل مرشح داخل دائرته ليست مقياسا لشعبيته في العموم إذ تتداخل فيها عوامل أخري عديدة لن أتناول السئ منها ولكن نتناول عوامل مثل أعداد الناخبين المقيدين بالجدوال الإنتخابية وقوة المرشحين المتنافسين والعصبيات العائلية والقبلية وكل هذه العوامل تختلف من دائرة لأخري بالإضافة إلي الإختيار غير الموفق من قبل الناخبين وما أكثر ما وقعنا فيه جميعا وهو ما أشرت إليه في مقالي (لا إجرام الأخوان عليكم أخشي ولكن شعب الفوضي ما أخشاه – إحتشدوا وأجيدوا الإنتخاب) ولعلي كنت أعني تماما معيار الجودة فالحشد وحده لا يكفي ؛ وخشيتي كانت من وصول من لا يستحق ومن هو غير مؤهل للمقعد.  
  

  •                        المعيار الأخلاقي هام في الأداء الوطني ؛ وعقب أحداث الخامس والعشرين من يناير كان لدي أجهزة الدولة الكم من المعلومات التي كان يجب أن يستقرؤها الشعب جيدا ؛ ولأن فصيل الإخوان الإرهابيين وفصيل المرتزقة من النشطاء ومن أطلقوا علي أنفسهم الثوار والنخبة يعملون دائما وحتي اليوم في نشر الشائعات وتقويض أي خطوات إصلاحية للحفاظ علي الدولة المصرية ؛ كان لابد من ضخ هذه المعلومات للقاعدة الشعبية العريضة للفهم وإتخاذ المبادرة ؛ هنا يكون التعامل مع الدولة وأجهزتها واجب قومي و شرف لأنه يسير في نطاق الحفاظ علي دماء المصريين وصون الهوية وحماية إستقرار وإستقلال الوطن ؛ لكن تحويل هذا الواجب لإبتزاز الدولة والحصول علي مكاسب شخصية سواء مادية أو معنوية ؛ وصب اللعنات علي القائمين عليها وتسخير أداتي الإعلامية للنيل منهم وذمهم إذ لم أحصل علي ما لا أستحق فعفوا هذا تدني في القيم الوطنية وفي المعايير الأخلاقية والمهنية  . 
 

  •                      إستغلال المقعد البرلماني ومحاولة التواصل مع رئاسة الجمهورية أثناء إنتخابات رئيس المجلس بغية التأثير عليها ؛ هو تنازل ضمني عن الفصل بين السلطات وموافقة من نائب برلماني علي تغول السلطة التنفيذية علي السلطة التشريعية ؛ وفي هذا خيانة للأمانة ومقايضة تصل في جرمها للرشوة والفساد ؛ وحمدا لله أن لدينا سلطة تنفيذية وطنية و أخلاقية لا تلتفت لهذه المراهقات السياسية.  


  •                       النائب داخل البرلمان لديه كل الإمكانيات للتعبير عن رأيه وإبداء وجهة نظره التي أعتقد أنها غالبا ما تكون وجهة نظر ناخبيه لو تحري الأمانة في العرض والموضوعية في المناقشة ؛ لكن الإتيان بحركات صبيانية تحاكي ما فعله الإخوان يوم أتشحوا رفضا لمد العمل بقانون الطوارئ في عهد مبارك فهذا لفت غير موضوعي لإهتمام الإعلام ودعاية شخصية رديئة للغاية وتنم عن عدم الإحترافية.

  •                       أن تمتلك قناة فضائية لا تستطيع من خلالها تسويق منتج إعلامي يجلب لك عائدا دعائيا تواجه به متطلبات القناة والعاملين بها فهذا فشل إداري ودليل دامغ علي عدم الخبرة والإحترافية ؛ وأن تمتلك كل هذا الكم من أراضي المباني سواء بطريقة قانونية أو تلك الوارد ذكرها بتقرير رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات و أن تتلقي أموال للدعم من دول شقيقة وأن تمتلك أسطولا من أحدث السيارات كما إعترفت علي شاشة قناتك ولا تستطيع دفع مستحقات العاملين بالقناة فهذا يعتبر ..........!!  


  •                      أن تنظر إلي هيئتك وصورتك علي شاشة كل خمس عشر ثانية علي الأقل أثناء حوارك التليفزيوني والذي يمتد لأكثر من أربع ساعات فهذه نرجسية غير معهودة وغير مقبولة وتثير الضحك المؤلم.


  •                       أن تتحدث أثناء حوارك مع مذيعة البرنامج وعلي الهواء مباشرة فتقول (إنت جايبة شعرك ورا ودنك ليه ؟ هو الكوافير مجاش لك النهاردة ؟) أو أن تقول لها (إنت مالك قلقانة ليه ؟ لأ أنا عارف أنك وعز قلقانين ؛ ما تخافوش أنا هأخدكم معايا) وما أكثر من أمثلة لهذه الحوارات المتدنية والتي نسمعها منك ؛ فإن دلت علي شئ فإنما تدل علي عدم المهنية و عدم الإحترافية وعدم الإحترام لمشاهديك فما أشبهه بحديث المصاطب مع كل الإحترام لحديث المصاطب فهو أرقي وأكثر موضوعية وأعمق تهذبا. 


  •                       أن تروج لأشاعات وتتهم أشخاصا ذات مناصب مرموقة أو تحاول التقرب من أو مداهنة أشخاص إعتبرتهم بالأمس أعداءا للوطن ودللت علي خيانتهم وناضلت كلاميا من أجل خلق رأي عام لذلك لإبتزاز الدولة أو لتسول منصب أو إهتمام ؛ ثم تعود لتعتذر وتبرر أنها لعبة للفت أنظار الدولة للخطر ؛ فأنت هنا تفتقد لمعني المسئولية والأمانة المهنية والمصداقية ؛ والإعتذار دائما يكون عن خطأ غير مقصود وليس عن جريمة متعمدة ومراهقة لا تدرك أبعادها ؛ فعليك أن تفهم أن الإعلامي قيمة وأن الإعلام رسالة سامية .


    #حافظوا_علي_مصر

ليست هناك تعليقات: